“والله إنَّ الدَّعْوَة قد ضُرِبَت في بعض البُلْدان بسبب بعض الأقْزَام الأغْمَار الأغْرَار الذين ضَرُّوا الدَّعْوَة”
“والله إنَّ الدَّعْوَة قد ضُرِبَت في بعض البُلْدان بسبب بعض الأقْزَام الأغْمَار الأغْرَار الذين ضَرُّوا الدَّعْوَة”
  | المقالات   | 733

“والله إنَّ الدَّعْوَة قد ضُرِبَت في بعض البُلْدان بسبب

بعض الأقْزَام الأغْمَار الأغْرَار الذين ضَرُّوا الدَّعْوَة”

 

قال الشّيخ د.عبد الله بن عبد الرّحيم البُخارِيّ -حفِظَهُ اللهُ-:

لا يُؤتى النّاس من قِبَل العلماء (عُلماء السُّنّة) أبدًا؛ إنّما يُؤتى النّاس من قِبَل المُتحذلقينَ الفتّانين المُتعالِمين الذينَ يتقلّدون مناصب العلم والعُلَماء وليسوا من أهلهم -أعني: من أهل العلم-، فيَفْتِنُونَ النَّاس ويصدّون النّاس عن دينِ اللهِ، بل في أفعالهِم وأقوالهم –نعم- ما يدلّ على بُعدهم عن العلم والعلماء، ويكون الواحد منهم أو بعضهم سببًا في صدّ النّاس عن دين الله، وما أكثر هؤلاء في مثل هذا الزمان ولا حول ولا قُوّة إلا بالله.

 

قد يقول قائل يا شيخ: ألا يوجد أُناس يُوصف بأنّه العالِم الفلانيّ أو العلاّمة الفلانيّ أو الحافظ الفلانيّ أُلقيَت عليه بعض هذه العبارات؟

نقول: ولَو قيلَت هذه العبارات فهي كما قيلَ:

 

ألقابُ مملكةٍ في غير موطنها *** كالهرّ انتفاخًا يحكي صولة الأسد

 

لا تنطبقُ على أمثال هؤلاء، إنّما هالات أسبغها أصحابُهَا لأهلهم أو لذويهم ليُنفذوا ماذا؟ ما أرادُوا في النّاس فيُضِلُّوا النّاس والعياذ بالله ويصدّوهم عن دين الله جلّ وعلا.

وما أكثر هؤلاء سواء كانت هذه في الأقوال أو في الأفعال! في باب الشّهوات أو في باب الشّبهات!

واللهِ إنّ الدّعوة قد ضُربَت في بعض البُلْدَان بسبب بعض الأقزام الأغمار الأغرار الذينَ ضرّوا الدّعوة في بعض البُلْدَان وتزيَّوْا بِزِيِّ العِلم وليسوا من أهلِهِ وبخاصّة في باب السّلوكيَّات،

وما أكثر النّاس الذين يَرِدُونَ فيَشْتَكونَ من أمثال هؤلاء فعلوا وفعلوا وفعلوا وفعلوا! وقالوا وقالوا وقالوا! من أكثر النّاس طيشًا وسفهًا وأقلّهم تديُّنًا –والعياذُ باللهِ-.

فكَمْ أضرَّ هؤلاء، لا يقولنّ قائل: هؤلاء من أهل العلم! أبدًا لا يُؤْتَى النّاسُ من قِبَل علمائهم؛ إنّما يُؤتى النّاس من قِبَل الجُهَّال الذين تزيَّوْا بِزِيِّ العلم وليسوا من أهلِهِ.

يقول العلاّمة الشّاطبيّ –رحمه الله- في الاعتصام مُعلِّقًا على حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -وسيورده لعلّه المُصنِّف- وهو حديث: (إنّ الله لا يقبض العلمَ انتزاعًا ينتزعه من صدور العباد، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتّى إذا لم يبق عالمًا اتّخذ النّاس رؤوسا جهّالاً فسُئلوا فأفْتَوا بغير علمٍ فضلّوا وأضلّوا)

علّق –رحمه اللهُ- هاهُنَا في الاعتصام بقوله:

“قال بعض العلماء: تدبّروا هذا الحديث..” بعض العلماء يُخاطبون أهل العلم وطُلاّبه أن يتدبّر هذا الحديث (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا)،

“تدبّروا هذا الحديث فإنّه يدلّ على أنّه لا يُؤتى النّاس قطُّ من قِبَل علمائهم؛ وإنّما يُؤتَوْن من قِبَل أنّه إذا مات عُلَماؤهم أفتَى من ليس بعالمٍ فيُؤتَى النّاس من قِبَلِه، وقد صُرِّفَ هذا المعنى تصريفًا فقيلَ: ما خانَ أمينٌ قطُّ؛ ولكن اؤتُمِن غير أمينٍ فخانَ”

فقال: “نحنُ نقول: ما ابتدع عالمٌ قطُّ؛ ولكن استُفْتِيَ من ليس بعالمٍ فضلَّ وأضلَّ”. انتهى كلامه –رحمه الله-… اهـ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[التفريغ من شبكة سحاب السلفية، وأصله من شرح الشيخ -حفظه الله- لرسالة (أخلاق العلماء) للإمام الآجري].