جواب سؤالٍ عن شخصٍ ينتسب للعلم ويُجيز المظاهرات
جواب سؤالٍ عن شخصٍ ينتسب للعلم ويُجيز المظاهرات
  | التفريغات العلمية والفوائد والنكت, التفريغات العلمية والفوائد والنكت من أشرطة ومقالات فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله   | 723

بسم الله الرحمن الرحيم

جواب سؤالٍ عن شخصٍ ينتسب للعلم ويُجيز المظاهرات

الحمد الله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه أجمعين

   أما بعد؛ فإنَّني بحسب اطِّلاعي ووقوفي بفضل الله وحمده على كلام العلماء السَّلفيين وأصول منهجهم لا أعرف عالماً منهم -رحم الله ميتهم وحفظ حيَّهم- جوَّزَ هذه المظاهرات والثَّورات لا بدليل نصٍّ ولا مُؤدَّى اجتهادٍ؛ لأنَّ النَّصَّ يحرِّمها والاجتهاد السَّليم يؤيِّد التَّحريم والتَّقبيح والتَّبديع (لها). هذا هو منهج الأكابر الأعلام قديماً وحديثاً وأتباعهم إلى يوم لقاء الرحمن إن شاء الله تعالى، فمَنْ خالَفَهم ويُخالِفُهم وَقَعَ ويقَعُ (وسَيَقَعُ) في هذه المحذورات المحظورات والبوائق:

(1) مخالفة النُّصوص الشَّرعيَّة.

(2) مخالفة منهج السَّلف تجاه الحكَّام والولاة القائم على النُّصوص أيضاً.

(3) مخالفة العلماء الاكابر.

(4) مخالفة العلم أصولاً وقواعدَ واجتهاداً سليماً قويماً إلى الجهل وفاسد الاجتهاد.

(5) موافقة المخالفين للحقِّ وأهله من أهل الأهواء والفرق والضُّلاَّل.

(6) الإقرار اللَّفظي أو العملي أو الضِّمني السُّكوتي الاجتهادي الفاسد لمفاسد وأضرار هذه المظاهرات التي ينكرها إن لم يَذُقْ مرارتها الأصمُّ والأبكم والضَّرير والكسيح ويقرِّرون شرَّها وفسادها فضلاً عمَّن سَلِمَت حواسُّه من سائر المسلمين وعاقلهم وإن كان مخالفاً للمنهج السَّلفي.

(7) التَّغرير بعوام المسلمين والأمَّة وجهالها والضَّائعين وتضليلهم والزَّج والرَّمي بهم في الشَّرِّ وأحضان المخالفين من أهل البدع والضُّلاَّل وإيقاعهم أيضاً فيما وقَعَ فيه هو -هذا المجتهد- من هذه المحذورات البائقات السبعة!!

   هذا أمرٌ، وثَانِيه: المسألة -أي المظاهرات والثَّورات- إذا اتَّصَفَت بما ذُكِرَ من السَّبعة الأمور السَّابقة لا تكون بلا أدنى شكٍّ إلا حراماً وبدعةً وكذا أيُّ شرطٍ يُشْتَرَطُ لها أو أيُّ تقسيمٍ أو تفصيلٍ لأصلها، كقول بعضهم: مظاهرات سلميَّة ومظاهرات ثوريَّة أو نحو ذلك، كل ذلك لا يكون إلا حراماً وبدعةً.

   وثالث الأمر: أنَّ المسألة من مظاهراتٍ وغيرها إذا حُكِمَ عليها بالبدعة والحُرْمَة -وكانت ظاهرة الضَّلال- وسييء الأثر وعموم بلواها وقال الأكابر فيها قولهم الفصل، واستفاض وعُرِفَ واشتَهَرَ وعُلِمَ أنَّه لم يخالفهم فيها إلاَّ ضالٌّ أو جاهلٌ؛ يُخْشَى حينها كلَّ الخشية على من خالَفَهم وإِنْ نُسِبَ للعلم والمعرفة من:

(1) التَّبديع.

(2) أو أنَّه ليس على الجادَّة والمحجَّة الصَّواب.

(3) أو أنَّه مع قومٍ ضُلاَّلٍ تأييداً أو إقراراً وإن لم يُصَرِّح بهذه المعيَّة.

(4) أو المكابرة واحتقار الأكابر العلماء ومخالفتهم وتجهيلهم وغمط حقِّهم.

(5) أو أنَّه ليس على ذاك العلم المنسوب إليه.

(6) أو أنَّه على علمٍ لكنَّه ليس بأصيلٍ، أو فيه دخنٌ يُظْهِره اللهُ بقَدَره ولطفه عند المحكَّات والفتن والصِّراع بين الحقِّ والباطل.

(7) أو مُضَلَّلٌ ملبَّسٌ عليه لدرجة الإقصاء والعماية والتَّعمية، وهذا مع ظهور المسألة ووضوحها كأنَّه يعيش خارج دائرة العلم والعلماء أو خارج أرض النَّاس، وهذا لا يُتَصَوَّرُ فيمن كان في مقام العلم والتَّوجيه والدَّعوة!! وتبديعُ من هذا حالُه شأنُ وتخصُّص العلماء الأكابر ومُحَقِّقَة طلابهم.

   وهذا يُحَتِّم علينا علميَّاً وواجباً شرعيَّاً:

(1) ألاَّ يُسْكَتَ عن خطئه وخطأ اجتهاده.

(2) أن نكون على حذرٍ وتَحَوُّطٍ من خطئه هذا ومنه إذا تمادى.

(3) أن نكون في جانب وحدِّ العلماء الأكابر في هذا الشَّأن وغيره لأنَّه مطلبٌ وواجبٌ شرعيٌّ.

   وقد أَطَلْتُ الجوابَ على هذا السُّؤال بقَدَر الله ليكون إن شاء الله تعالى كقاعدةٍ عامَّةٍ وتفصيلٍ بغضِّ النَّظر عن حال المسئول عنه المنسوب للعلم لكثرة وقوع مثل هذه الأمور والتَّقلُّبات -نسأل الله العافية- ممَّن يُنْسَبُ لهذا العلم والدَّعوة إليه في عالَمِ النَّاس اليوم ثمَّ يكشف اللهُ الأمرَ الحقَّ وتَظْهَر بقوَّته وفضله الحقائق كما فعَلَ سبحانه وتعالى في أمر بكر أبي زيد، وعلي الحلبي وحزبه، والمغراوي، والمأربي، والحويني، وعبد الرحمن عبد الخالق، والطَّحَّان عبد الرحيم، والحجوري، والرحيلي، والرَّيِّس، والحدَّاديَّة كفالح وشيعته، وأصحاب القطبيَّة كمحمَّد حسَّان ومحمَّد حسين يعقوب، وكثير من أهل مصر، وكعبد الحي يوسف وجماعته أصحاب قناة طيبة، وكثير من أصحاب الجماعات والجمعيَّات الدَّعويَّة الخيريَّة كجماعة أنصار السُّنَّة، وجمعيَّة دار البر ومدعومتها جمعيَّة الكتاب والسُّنَّة الخيريَّة بالسُّودان… إلخ، ليحفظ اللهُ دينَه وينصره -وهو محفوظٌ منصورٌ- تحت راية علماء الدَّعوة السَّلفيَّة وطلاَّبهم فضلاً من الله ومنَّةً ((ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيم))، فاللهم ارحمنا وثبِّتنا ((وَلاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا)) وبَصِّرْنا بالحقِّ وأَمِتْنَا عليه وأنت راضٍ عنَّا يا حيُّ يا قيُّوم.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وآله وصحبه وسلَّم

كتَبَه

نزار بن هاشم العبَّاس

خرِّيج الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النَّبويَّة

والمشرف على موقع راية السَّلف بالسُّودان

الجمعة 24/ رمضان/ 1434هـ

www.rsalafs.com