دون دراسته على المشايخ؟

سُئِلَ الشيخ الفاضل د. عبد الله بن عبد الرحيم البخاري -حفظه الله تعالى-:

يقول: هل من المنهج الصحيح في دراسة الفقه أن يقوم الطالب بتلخيص شرح متنٍ معين دون دراستهِ على المشايخ كما يفعلهُ كثير من طلبة العلم في الحرم النبوي باشتغالٍ بتلخيص الشرح الممتع؟

فأجاب -حفظه الله تعالى-:

والله إنَّ من الحرمان ومن حرمان الخير أن تكون بين أظهر علماء السُّنة وتشتغل بشيءٍ لا ينفعك وتزهد في حِلَقِهم، فهذا من الخيبة والخذلان، لا أتكلم عن هذا السؤال أتكلم عمومًا وهذا موجود يشتغل بعضهم ببعض، ويعلِّمُ بعضهم بعضًا ويتركون دروس الأشياخ وعلماءِ السُّنة، هذا من الخذلان وقلة التوفيق نعوذ بالله من الغواية بعد الهداية، فما ينفع ولا يصلح أن تقطع هذا المفاوز من بلادِك، تأتي أنت يعلمك من هو مثلك إمَّا جاهل مثلك ولا دونك نسأل الله العافية والسلامة، فيجبُ على الإنسان أن لا يُضيّع عمرهُ فيما لا يعنيه.

هذا اللسانُ كما قال الإمام ابن القيم: “إمَّا ذاكر وإمَّا لاذع” إما لسانٌ ذاكر، وإما لسانٌ لاذع، إمَّا لسان ذاكر في الخير والتقوى وطلب العلم النافع، وإمَّا لاذع في الشر والعياذ بالله والغيبة والنميمة، والقول على الله بغير علم، كما قال ابن القيم: “والنفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالباطل”، إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، فانتبه أيُّها المحب، هل من المنهج الصحيح؟ ليس من المنهج الصحيح أن تجلس أنت وزيد وعمر وتُلخِّص، تُلخِّص ماذا؟ وأنت كما يقال: “تزبَّب قبل أن يتحصرم”، ما يصلح، على أيِّ أساسٍ أنت لَخَّصت، كيف فهمت أنَّ هذا هو المعنى وهذا هو المهم في هذا الكلام، كيف أدركت المغزى؟ فاقد الشيء يا ابني لا يُعطيه، ثم ليت الأمر يقفُ عند هذا التلخيص، ماذا يحصل بعد التلخيص؟ أجلس أنا وأنت وزيد وعمرو وبكر، فيعرضُ كلٌّ منا ما لخَّصه صحيح؟ ثم يبدأ بعد ذلك المداولة والمناقشة، هذا فَهِم هكذا، وهذا فَهِم هكذا، ثم بعد المناقشة يحتد الكلام أنت ما تفهم إلَّا أنت تفهم، يبدأ الأخذ والمد والجزر، ما هذا الذي يحصل؟ حاصل أو ما هو حاصل؟ هذا حاصل، أنا لا أحكي من فراغ وهذا موجود، هذا مسلكٌ ليس مسلكًا لمن أراد طريقة طلب العلمِ الصحيح، هو الذي ينبغي عليك إذا أردت الصحيح إذا درست المتنَ على شيخ حاذقٍ سُنِّي بعد ذلك تُراجع وراءَهُ ما شرح ثم تقرأ متن آخر في شرح المتن نفسه، مُختصر بحسب مستواك، فتنظر تضمُّ الأشباه إلى النظائر، ثُمَّ بعد هذا تلخِّص المعلومة العامة من هذا وذاك، إذا هناك إشكال عرضته على ذلك الشيخ، قد تكون أنت تظن أنَّها فائدة وإذا بها فائدة مقلوبة، ليست فائدة قائمة فتُصوَّبُ لك، ولهذا لا يُؤخذُ العلم من الصُّحف أبدًا، إنما يُؤخذُ من أفواهِ الرِّجال الحاملين لهُ بعلمٍ وعدل.

النظر والقراءة لمن كان أهلًا له، أنا لا أمنع من القراءة، لكن الموضوع كما سأل السائل التَّلخيص، من أنت الذي تُلخِّص حتى تحذف كلام شيخنا الشيخ محمد بن العثيمين تقول هذا زائد وهذا ناقص؟، التلخيص معناه تستخلص الزبدة والخُلاصة، وهذا حشو وهذا غير حشو، لا ينفع بارك الله فيك هذا.

[منقول من فتاوى موقع ميراث الأنبياء]