نصيحة لأصحاب المحلات التجارية
نصيحة لأصحاب المحلات التجارية
  | التفريغات العلمية والفوائد والنكت, التفريغات العلمية والفوائد والنكت من أشرطة ومقالات فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله   | 1694

بسم الله الرحمن الرحيم

نصيحة لأصحاب المحلات التجارية

سُئِل فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله تعالى ونفع بعلمه-:

هل يجوز الصلاة في مكان العمل إذا كان يخشى على المحل من السرقة؟ مع العلم بأنَّ موقع مكان العمل في منطقة شديدة الخطورة من الناحية الأمنية وإغلاق المحل صعبٌ نسبةً لأنَّ المحل يعتمد على العرض الخارجي. أرجو الإفادة، وشكراً.

فأجاب -حفظه الله تعالى-:

«لا حرج من الصلاة في محل العمل بحسب ما ذكرت من وصفٍ وحالٍ.

أما كون أي محلٍّ تجاريٍّ يعرض سلعه خارج إطار المحل أو الدكان وقد يكون المسجد قريباً منه والأمن بفضل الله مستقرٌّ فيتعذر بتلك العلة -العرض الخارجي- لــ(1) عدم إغلاق محله لدخول وقت الصلاة، (2) وعدم صلاته في المسجد مع الجماعة!!

فيقال لهؤلاء: كما عرضتم خارج المحل فاستعينوا بالله وسوِّروا هذه السلع وضعوها داخل سورٍ أو سياجٍ يمكن إغلاقه وفتحه وتأمين السلع به وحفظها -بعد حفظ الله- تغلقونه للصلاة وتعظيم هذه الشعيرة وإرشاد الناس والمجتمع عمليَّاً لهذا الخير حين يعلمون أنَّ المحلات أُغْلِقَت للصلاة فيسعون إلى إقامتها، وربما ينتبه الغافل عنها بهذا الصنيع الطيِّب.

والعبد المسلم يعلم أنَّ:

  • رزقه بيد ربه وفي خزائنه ينزله هو سبحانه ليس سواه أبداً،
  • و«إنَّ ما عند الله من الرزق لا ينال بمعصيته»،
  • وما جاءه من رزق الله وهو مقيمٌ على المعاصي فلا يعني رضا الله عليه وعنه؛ فإنَّ الله يعطي الكافر ويرزقه وهو ساخطٌ عليه! فقد يكون من الله استدراجاً أو حلماً منه لينبِّه عبده عسى يرجع، أو سخطاً من ربه ((فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ)).

ومَدُّ الله مكرٌ بالغافل المكابِر ((كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا))، ((مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا))، لكنه إذا ورَدَ على ربه يوم القيامة ((أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))، فكيف بالذين يشغلِّون في محالِّـهم ومتاجرهم -مِن مطاعم أو مقاهي ونحو ذلك كعربات الركاب من حافلات سفرية أو محلية أو طائرات- الموسيقى والأغاني(1) وأشرطة الفيديو وما فيها من الفساد والإفساد؟! بحججٍ واهية ليست إلا من جهلٍ صَدَرَت، أو هوى متَّبِعٍ لشيطانٍ مَرِيدٍ ونفسٍ بالسوء أمَّارةٍ، أو تقليدٍ لمن على شاكلته؛ كقول بعضهم: (الناس يريدون ذلك وهذا ترويحٌ لنفوسهم)!! إذا كان مقرَّاً بالحرمة والمخالَفة لشرع الله فهذا لايقال إلا: وهل هذا يريده الله وأَمَرَ به عباده؟ ((وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ)).

وكم في هذه الآيات من أعظم بيانٍ لفساد هذه الحجج وغيرها، وأنَّـها من اتِّباع الشياطين، وأنَّ الله أمَرَ بالحق والقسط والصلاة التي عَطَّلُوها ولم يعطلوا لها دنياهم بل أفسدوها بالهوى والمعاصي، فكيف إذا أضاف أولئك جلبَ النساء المتبرِّجات السافرات ليَخْدِمْنَ ويعمَلْنَ فيها -المطاعم والمقاهي و..و..- (هدانا الله وإياهم للحق والتقوى) في وسط دائرة الاختلاط بين الجنسين؟!!

فلنتأمل في هذه الآية التي ردَّ الله بها على أهل الضلال والفساد ((وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)) فإنَّـها جَمَعَتْ كل شبهات أهل الأهواء من مشركين ومبتدعين وعاصين فاسقين، واشتَمَلَت على أبلغ ردٍّ وتفنيدٍ لـها من رب العالمين، لمن؟! ((لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ))، ولكن ((فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَاكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)).

وتأمل توجيه الله فيها إلى شأن الصلاة لما فيها من عظيم الخير والنهي والصد عن عظيم الشر ((اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ))، ((إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ))..

فاللهم اهدنا ولا تضلَّنا وثبِّتنا على الحق إذ هديتنا».

انتهى جواب الشيخ -حفظه الله تعالى-.

 

موقع راية السلف بالسودان

www.rsalafs.com


(1) وقد صحَّ عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- عظيمُ التخويف والزجر والنهي عن ذلك؛ فعن أبي مالكٍ الأشعري -رضي الله عنه-: قال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ليكونَنَّ من أمَّتي أقوامٌ يستحلُّونَ الحِرَ والحريرَ والخمرَ والمعازِفَ، ولينزلَنَّ أقوامٌ إلى جنبِ عَلَمٍ، يروحُ عليهم بسارحةٍ لهم، يأتيهِم -يعني الفقيرَ- لِحاجةٍ فيقولوا: ارجِع إلينا غدًا، فيبيِّتُهمُ اللَّهُ ويضَعُ العَلَمَ ويمسخُ آخرينَ قِرَدةً وخنازيرَ إلى يومِ القيامَةِ» [البخاري]، وقال -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «لَيَشْرَبَنَّ أناسٌ من أمتي الخمرَ يُسَمُّونَها بغيرِ اسمِها ويُضْرَبُ على رؤوسِهم بالمعازِفِ والقَيْناتِ، يَخْسِفُ اللهُ بهم الأرْضَ ويَجْعَلُ منهم قردةً وخنازير» [صحيح الجامع]. وعن أبي الصهباء أنه سمع عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- وهو يسأل عن هذه الآية: ((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله)) فقال عبد الله: «الغناء، والله الذي لا إله إلا هو» يرددها ثلاث مرات [تفسير ابن كثير].