التوجيهات السلفية لطلاب العلوم الشرعية (4): نصيحة لطلاب العلم حول التعامل مع عوام المسلمين
التوجيهات السلفية لطلاب العلوم الشرعية (4): نصيحة لطلاب العلم حول التعامل مع عوام المسلمين
  | التفريغات العلمية والفوائد والنكت, التفريغات العلمية والفوائد والنكت من أشرطة ومقالات فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله   | 1518

بسم الله الرحمن الرحيم

التوجيهات السلفية لطلاب العلوم الشرعية (4):

نصيحة لطلاب العلم حول التعامل مع عوام المسلمين

قال فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله وبارك فيه-

في إجابته على سؤالٍ ورَدَ إليه من (ليبيا):

«… أما بعد: فإني أنصحكم جميعاً -بارك الله فيكم- بالرِّفق والترفُّق مع أنفسكم وأهليكم وعامة الناس؛ لعدة أمورٍ مهمَّة لابد من مراعاتها في كلِّ مكانٍ يقلُّ فيه العلمُ وأهلُه ويكثر في المقابل لاشك الجهلُ وأهلُه لأنَّ الجهل يخفى به الحقُّ وتظهر به الشبهات وتعظم حتى تحجب الجاهلَ عن نور الحق وأهله بل تشوِّهه وأهلَه في نظره، فإنْ انضاف عليه قلَّةُ علمِ من يدعوه أو جهلُه أو قسوتُه وعدم حكمته مع ما يقوم به أهل الأهواء والبدع والإعلام الفاسد من تشويه الإسلام وأحكامه، والعوام والجهال يتلقفون ويتلقون ويسَلِّمُون بلا تمحيصٍ لأنَّهم يفقدون آلة التمحيص والتمييز ألا وهي العلم النافع؛ فإنَّهم كردِّ فعلٍ ونتيجةٍ حتميَّةٍ بقدر الله عليهم سينفرون عن الحق وأهله بل قد يعادونهم ويحاربونهم كلَّ حربٍ؛ فالمرض مستفحلٌ والعلاج يحتاج لنَفَسٍ طويلٍ وزمنٍ  مديدٍ وصبرٍ جميلٍ ومصابرةٍ من أهل الإصلاح وطلاب العلم الناصحين خاصةً وهم في غالبهم من الشباب الصغار ومُبْتَدِأَة العلم، وحضَرَني الآن أثرٌ عن ابن مسعود الإمام الفقيه حسب ظني -رضي الله عنه- أنه قال: «أنتم اليوم خيرٌ؛ العلم في أكابركم يأخذه عنهم أصاغرهم ويأتي زمانٌ العلم في أصاغرهم فيأنف عنه أكابرهم» أو نحوه..

فعلينا أن ننتبه ونعالج واقعنا الدعوي مع العوام -بعد الله تعالى- بالآتي:

(1) دعاء الله بصدقٍ أن يصلحنا في أنفسنا بعلمه النافع والعمل الصالح له؛ لأنَّ فاقد الشيء لا يعطيه، ولا يستقيم عودٌ وظلُّه أعوج كما لا يخفى عليكم -وفقكم الله-.

(2) الرفق والصبر والحكمة والتؤدة واللين.

(3) أن نعلم أنَّ المراد بالدعوة إلى الله هدايةُ العباد وإنقاذهم من الفتن والعقاب في الدارين، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)) وليس فقط إقامة الحجة عليهم وإلا لما قال -صلَّى الله عليه وآله وسلَّم-: «فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم» قاله لعليٍّ -رضي الله عنه- وهو في طريقه لحرب اليهود فكيف بالمسلم؟!! وكيف إن كان جاهلاً؟!! وكيف إن كان مُشَبَّهَاً عليه مُضَلَّلاً؟!! وكيف إن كان داعِيه إلى الحقِّ ضعيفاً في علمه وغريباً في دنياه وقد شُوِّهَت صورتُه ودعوتُه من أهل الإسلام العام فضلاً عن الأعداء الكفار؟!!

فعلينا يا إخوتاه أن نقف مع أنفسنا في ضوء هذه النقطة تأمُّلاً وتدبُّراً -بارك الله فيكم-.

(4) أن نعلم أنَّ الهجر للمخالف عند السلف أمرٌ شرعيٌّ علميٌّ منضبطٌ بأصول وضوابط تُرَاعى فيه مصلحةُ الدين، وحالةُ المهجور والهاجر، وواقعُهما، وقوتُهما وضعفُهما.

والناس غيرهم -ممن خالَفَ السَّلفَ وأتباعَهم- في الهجر ما بين منكرٍ له جاحدٍ مميِّعٍ، وغالٍ فيه جافٍ ومُجرِيِه لمصلحته وهواه هو وجوداً وعدماً -أي لنفسه وشرفه ومكانته لا لدين الله تعالى، ومنه هجر أهل الأحزاب لمخالفيهم داخليَّاً وخارجيَّاً-.

فعليكم بالتأني في أمر الهجر بالنظر لما سبَقَ من نقاطٍ وإعادة ترتيب شأنكم مع مجتمعكم لتكون دعوتكم دعوةً سلفيَّةً على حقيقة مضمونها بالعلم والبصيرة والحكمة.

(5) تحقيقكم الصلة والارتباط مع أهل العلم السلفيين الراسخين بالمملكة السعودية -حرسها الله- ومن سار على منهجهم في بلادكم كأخي الفاضل الشيخ أبي الفضل -حفظه الله وأيَّده وقوَّاه- ومن يعرفه هو ويزكيه من بلدِيِّيه؛ فصاحب الدار أدرى بما فيه، وفقه الله ووفقكم لكل خيرٍ.

فبالرجوع بعدَ الله إليهم جميعاً في شأن العلم وأمر الهجرخصوصاً تستقيم لكم بحول الله دعوتُكم وتسير بالحكمة، وسأواصل لاحقاً إن شاء الله الإجابة وبالله التوفيق».

 

موقع راية السلف بالسودان

www.rsalafs.com