جواز مسِّ القرآن للحائض والجنب
جواز مسِّ القرآن للحائض والجنب
  | مسائل علمية   | 1728

بسم الله الرحمن الرحيم

جواز مسِّ القرآن للحائض والجنب

 

قال العلامة المحدِّث محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله- في التعليق على عبارة [ولا مانع من مس ما اشتمل على آيات من القرآن كالرسائل وكتب التفسير والفقه وغيرها فإن هذه لا تسمى مصحفاً ولا تثبت لها حرمته]:

«قلت: هذا الجواب مبني على القول بحرمة مس المصحف من الجنب والمصنف لم يذكر دليلاً عليه ههنا ولكنه أشار في “فصل: ما يجب له الوضوء” أن الدليل هو قوله -صلى الله عليه وسلم-: “لا يمس القرآن إلا طاهر” مع أنه صرح هناك بأن لفظة “طاهر” مشترك يحتمل معاني شتى وأنه لا بد من حمله على معنى معين من قرينة ثم حمله هو على غير الجنب بغير قرينة وقد رددنا عليه هناك بما فيه كفاية وبيَّنَّا المراد من الحديث هناك وأنه لا يدل على تحريم مس القرآن على المؤمن مطلقا. فراجعه.

والبراءة الأصلية مع الذين قالوا بجواز مس القران من المسلم الجنب وليس في الباب نقلٌ صحيحٌ يجيز الخروج عنها. فتأمل.

 

قوله: “يحرم على الجنب أن يقرأ شيئاً من القرآن عند الجمهور لحديث علي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان لا يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة رواه أصحاب السنن وصححه الترمذي وغيره قال الحافظ في (الفتح): “وضعف بعضهم بعض رواته والحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة”.

قلت: كلا بل هو من قبيل الضعيف الذي لا تقوم به حجة لأنه تفرد به عبد الله بن سلمة وقد كان تغير بآخر عمره باعتراف الحافظ ابن حجر نفسه في (التقريب) وفي هذه الحالة كان قد حدث بهذا الحديث كما سبق بيانه في “فصل ما يستحب له الوضوء” وهي علة قوية تورث شبهة في ثبوت الحديث تمنع من الاحتجاج به سيما وقد ثبت عن عائشة ما يعارضه وقد ذكرته ثم وليس له ما يشهد له من الطرق ما يصلح لتقويته مثل قول المؤلف عقبه: “وعنه قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- توضأ ثم قرأ شيئاً من القرآن ثم قال: “هكذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا ولا آية”. رواه أحمد وأبو يعلى وهذا لفظه قال الهيثمي: رجاله موثقون”.

قلت: فإن لهذه الطريق علتين: الضعف والوقف.

أما الضعف فسببه أن في سنده عامر بن السمط أبا الغريف ولم يوثقه غير ابن حبان وهو مشهور بالتساهل في التوثيق كما بينته في “المقدمة” وقد خالفه من هو أعرف بالرجال منه وهو أبو حاتم الرازي فقال في أبي الغريف هذا: “ليس بالمشهور… قد تكلموا فيه من نظراء أصبغ بن نباتة”.

وأصبغ هذا لين الحديث عند أبي حاتم ومتروك عند غيره ومنهم الحافظ ابن حجر فثبت ضعفه.

وأما الوقف فقد أخرجه الدارقطني وغيره عن أبي الغريف عن علي موقوفاً عليه كما بينت ذلك في (ضعيف سنن أبي داود) رقم 131.

فقد عاد الحديث إلى أنه موقوف مع ضعف إسناده فلا يصلح شاهداً للمرفوع الذي قبله بل لعل هذا أصله موقوف أيضاً أخطأ في رفعه ولفظه عبد الله ابن سلمة حين رواه في حالة التغير وهذا محتمل فسقط الاستدلال بالحديث على التحريم ووجب الرجوع إلى الأصل وهو الإباحة وهو مذهب داود وأصحابه واحتج له ابن حزم (1/77-80) ورواه عن ابن عباس وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وإسناده عن هذا جيد رواه عنه حماد بن أبي سليمان قال: سألت سعيد بن جبير عن الجنب يقرأ؟ فلم ير به بأساً وقال: أليس في جوفه القرآن؟ وقرن البغوي في (شرح السنة) 2 / 43 مع القائلين بالجواز عكرمة أيضاً لكن لا يخفى أن الأمر لا يخلو من كراهة لحديث: “إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر”. انظر (الصحيحة) 834. والله أعلم».

 

 

[تمام المنَّة في التعليق على فقه السنَّة/ 116-118]

 

موقع راية السلف بالسودان

www.rsalafs.com