الموقف من الحافظَيْن ابن حجر والنووي -رحمهما الله تعالى-
الموقف من الحافظَيْن ابن حجر والنووي -رحمهما الله تعالى-
  | المسائل المنهجية   | 1234

الموقف من الحافظَيْن ابن حجر والنووي -رحمهما الله تعالى-

لفضيلة الشيخ عبيد بن عبدالله الجابري

-حفظه الله تعالى-

 

السؤال:

بارك الله فيكم شيخنا، وهذا السؤال الثاني عشر؛ تقول السائلة من الكويت: سَمِعت من بعض أهل العلم الكبار من يحكم بأنَّ النووي من أهل السُّنة، وبعضهم الآخر من يحكم عليه بأنه أشعريٌّ جَلْد؛ فما الصحيح منهما؟ فقد سبَّب لنا هذا حيرةٌ شديدة بين الأخوات، نرجو اﻹفادة -بارك الله فيكم-.

 

الجواب:

يا بنتي أولًا: النووي مُحَدِّث مُعتبر، ولا يزال أهل العلم يقرئون تراجمه في صحيح مسلم، ويُفيدون من كتبه، ومنها: المجموع شرح المُهذَّب، والمنهاج شرح صحيح مسلم، وكتب أخرى.

الأمر الثاني: أنا لا أعلم من بَدَّع النووي، وكذلك ابن حجر من أهل اﻹمامة في الدِّين والفقه والعلم، وإنَّما الذي عَلِمْتَه قبل نحو عشرين سنة أنَّ رافع لواء التبديع للحافظَيْن ابن حجر والنووي؛ رجلٌ مصري اسمه محمود بن محمد الحدَّاد، وهؤلاء وأتباعه سليطو الألسنة، وقد أبانَ أخونا الكبير الشيخ ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله وبارك له في عمره وعلمه وعمله -… لأصول هذه الفرقة ودَحَضَها بالحُجَّة والبرهان؛ فانشمر، وإن كانت باقية بدعة الحدَّادية إلى الآن؛ هذا الثاني.

الثالث: عند الحافظَيْن ابن حجر والنووي تأويلات، وقد بلغني أنَّ النووي – رحمه الله- وُجِدَت له مخطوطة تدل على أنه رجع عن التأويل أو عن تأويل الكلام خاصَّة، ولم أقف عليها، والذي ظَهَرَ لي من تَتَبُّعي هذيْن الكتابين؛ المنهاج للنووي، فتح الباري شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر – رحم الله الجميع -؛ الاضطراب، فكثيرًا من الأحيان يقول وقيل وقيل وقيل، وأحيانًا يؤوِّل، فالظاهر أنه قد شُبَّه عليهما.

وخلاصة القول – كما قدمت – أنِّي لم أعلم أحدًا من أهل العلم واﻹمامة في الدِّين من بَدَّع هذيْنِ الحافظَيْن.

وبهذا تعلمين يا بنتي أنَّه لا مانع من اﻹفادة من كتبهما، وهذا للحاذِق في العلم الشرعي، واسع الاطَّلاع من الرِّجال والنساء، أمَّا العوام فلا يحتاجون هذا، وللشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله- والشيخ محب الدِّين الخطيب -رحمه الله- تعليقات على فتح الباري طبعة المكتبة السلفية، لكن الظاهر أنه لم يُتِم.

والخلاصة أنَّ ابن حجر والنووي رَجُلا حديث وفقه وعلم، وأهل العلم يبيِّنون حينما يعرضون لفتح الباري لابن حجر، والمنهاج شرح صحيح مسلم للنووي؛ يبيِّنون أخطاءهما.

 

قد يقول قائل؛ أنتم كيف حملتم على سيد قطب، ولم تحملوا على هذين الرجلين؟

والجواب:

أوَّلًا: أن أخطاء هذيْن الإمامَيْن الحافظَيْن في كتبهما، ولا يقرؤها إلَّا ذو علم وفقه.

ثانياً: أهل العلم يُبَيِّنون أخطاء هذين الإمامين إذا راجعوا كتبهما أو قرؤوا على طُلَّابهم شيئًا منها؛ يُبَيِّنون.

الأمر الثالث: أنه لم يؤلِّف أحد -حسب علمي وكذلك حدَّثني به أخوة أفاضل- لم ينبري أحد فيؤلِّف كتابًا يقرِّر فيه أنَّ الحق ما ذهب إليه هذان الحافظان، ويقرِّر ذلك منهجًا يجِبُ أن يُتَبِّع، وما عداه فهو خطأ، بخلاف سيد قطب فإنَّ منهجه في كتبه تُعْلَن على الناس، وتُقَرَّر عليهم قواعد وأصول في المنهج، والدُّعاة إلى كتب سيد قطب والمنافحون عنه كُثُر، بل تُعْقَد جلسات في خلوات لتدريس منهج سيد قطب التكفيري، وأنا أقول: ليس تكفيريًا فقط؛ بل هو حاملُ لواء التكفير في هذا العصر، ومن هؤلاء دعاة الضلال من يدرِّس كتابه (معالم في الطريق) فإنَّ من خَضَر وخَضَر، كذلك كتابه في التفسير (في ظلال القرآن) (والتصوير الفني) يعلم تمامًا فساد منهج الرجل الذي اتُّخذ منهجًا في الدعوة إلى الله، فتفطَّنوا يا معشر المسلمين والمسلمات.

وقد بسطنا ولله الحمد الكلام في سيد قطب وبيان ضلاله في مواطن كثيرة، ولأخينا الشيخ ربيع بن هادي – حفظه الله- كُتُب أبانَ فيها بالبرهان السَّاطع القاطع ضلال سيد قطب وأنَّ منهجه فاسد، أذكر منها (العواصم من القواصم) وكتاب آخر؛ أظن المطاعن، وآخر (أضواء على عقيدة سيد قطب) أو بنحو هذا العنوان، قرأت كثيرًا منها، قرأت كثير من الموضوعات فيها، فازددنا فيه بصيرة – يعني في سيد قطب- جزا الله أخانا الشيخ ربيع خير الجزاء على ما أبان من ضلال هذا المجرم الفاسد، الذي لا أُكتمكم سرًّا، وإن كنت لم أُكَفِّره، لكني لا أُثرِّبُ على من كفَّر سيِّد قُطب بسبب منهجه، وتطاوله على الأنبياء؛ على موسى وعلى آدم – صلَّى الله عليهما وسلَّم -، ووحدة الوجود، وغيرها من العقائد الفاسدة.


من أسئلة اللقاء المفتوح الأسبوعي بموقع ميراث الأنبياء

لفضيلة الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله-

موقع ميراث الأنبياء