الجرح مقدم على التعديل
الجرح مقدم على التعديل
  | المسائل المنهجية   | 618

الجرح مقدم على التعديل

الشيخ عبيد بن عبدالله الجابري

-حفظه الله تعالى-

 

 

سُئِلَ فضيلة الشيخ العلامة عبيد الجابري -حفظه الله-:

أحسن الله إليكم وبارك فيكم. هذا سائل يسأل ويقول: هل يشترط في الردِّ على المخالف والتحذير منه أن يجتمع على التحذير منه والكلام فيه أهل العلم أم يكفي عالم واحد فقط؟!

 

فأجاب -حفظه الله تعالى-:

هذه قاعدة الجرح والتعديل، وملخصها: أنَّ من علم حجة على من لم يعلم؛ فإذا حذر عالم من رجل، وأقام عليه الدليل بأنه من أهل الأهواء، أو من الجهال الذين لا يستحقون الصدارة في العلم والتعليم، وكان هذا العالم معروفاً بين الناس بالسنة والاستقامة عليها وتقوى الله سبحانه وتعالى فإنَّا نقبل كلامه ونَحذر من حذرنا منه، وإن خالفه مئات؛ مادام أنه أقام الدليل وأقام البيِّنة على ما قاله في ذلكم المحذر منه، فهذا وسعنا، بل هو فرضـنا والواجـب علينا، وإلا ضاعت السـنة؛ فإنَّ كثير من أهل الأهـواء يخفى أمرهم على جمهرة أهل العلم ولا يتمكنون من كشف عوارهم وهتك أستارهم لأسباب منها:

1- البـطانة الســيئة التي تحول بين هذا العـالم الجليل السني القـوي وبين وصول ما يُهتك به سـتر ذلك اللعَّاب الماكر الغشاش الدساس -البـطانة السـيئة- حال لا يمكن أن يصل إليه شيء حتى أنها تحول بينه وبين إخوانه الذين يحبهم في الله فلا يستطيع أن يقرأ كل شيء.

2- ومنها أن يكون ذلك العالم ليس عنده وقت، بل وقته كله في العلم والتعليم.

3- ومنها أن يكون بعيداً عن هذه الساحة؛ يكون هذا الشخص مثلاً في مصر أو الشام أو المغرب أو مثلاً اليمن وهذا العالم الذي في السعودية لا يدري عما يجري في تلك الساحة؛ ما بلَّغه ثقةٌ بما يجري في تلك الساحة والساحات؛ فهو جاهل بحاله.

4- ومنها أن يكون هذا العالم قد نمى إلى علمه وتعلق في فكره أن ذلك الرجل ثقة عنده، فما استطاع أن يصل إلى ما كشفه غيره من أهل العلم للأسباب المتقدمة وغيرها، لكن نمى إلى علمه سابقاً أنه صاحب سنة وأنه يدعو إلى الله، وكان أمامه يُظهر السـنة، وحـب أهل السـنة، والدعوة إلى السـنة، ويذكر قَصصاً من حياته ومصارعـته للأفكار الفاسـدة والمناهج الكاسـدة ويأتي له بكـتب سليمة، وما درى عن دسـائسه. فإذاً ماذا نصنع؟ نعمل على كلام ذلك العالم الذي أقام الدليل وأقام البيِّنة التي توجـب الحذر من ذلك الرجل من كتبه ومن أشرطته ومن شخصه. وأما ذلك العـالـم الجليل فهو على مكانته عندنا؛ لا نجرحه، ولا نحط من قدره، ولا نقلل من شأنه بل نعتذر له؛ نقول ما علم، لو علم ما علمنا لكان عليه مثلنا أو أشدَّ منا. والله أعلم، نكتفي بهذا، وأستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

[محاضرة الحد الفاصل بين معاملة أهل السنة وأهل الباطل]