توجيهات مهمة تحتاجها النساء خصوصاً (2) «حول التعزية وما يقع فيها من بدعٍ ومخالفات»
توجيهات مهمة تحتاجها النساء خصوصاً (2) «حول التعزية وما يقع فيها من بدعٍ ومخالفات»
  | التفريغات العلمية والفوائد والنكت, التفريغات العلمية والفوائد والنكت من أشرطة ومقالات فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله   | 1297

بسم الله الرحمن الرحيم

توجيهات مهمة تحتاجها النساء خصوصاً (2)

«حول التعزية وما يقع فيها من بدعٍ ومخالفات»

[مادة صوتيَّة مفرَّغة]

الحمد لله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله

أما بعد؛

  • فهذا هو حال كلِّ حيٍّ: الفناء والموت؛ كما قال تعالى: ((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الـمَوْت)).
  • والواجب على المصاب: الصبر، وأن يعلم أنَّ الحيَّ سيلحق بالميت لا محالة.
  • ومن نعمة الله على عباده المؤمنين: أنَّ الله عزَّ وجل منَّ عليهم بالإسلام والإيمان الذي يقوم على أركانٍ عظيمة مِنْ أعظمها: الإيمان بالغيب، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالقضاء والقدر، والبعث بعد الموت؛ هذه نعمةٌ عظيمة، فيتسلَّى المسلم وتتسلَّى المسلمة بهذه الإيمانيات وبهذه الأصول العظيمة، وتطمئن بذلك النفوس وتثبت عند المصيبة كما تثبت عند الأفراح والـمَسَرَّات، وتعلم النفس المسلمة علماً يقينيَّاً بأنَّه لابد من لقاءٍ لا محالة؛ فالمسلم يرجو اللهَ بأن يمنَّ عليه بفضله ورحمته وأن يجعله من أهل الجنَّة بفضله ورحمته وحده لا شريك له، وحينها يجتمع بفضل الله وحده أهلُ الايمان في جنة الله سبحانه وتعالى.

فإذاً؛ هذا الفقد فقدٌ مؤقَّتٌ ليس بفقدٍ أبدِيٍّ لأنَّه سيكون هنالك اجتماعٌ.

  • ونرجو للمُحْسِن الرحمة والمغفرة، ونسأل الله عزَّ وجلَّ أن يتجاوز عن المسييء وأن يجمعنا عنده في رحمته وفي جناته.

فعليكم بالصبر والمصابرة والاسترجاع (إنا لله وإنا إليه راجعون) والدعاء للميت؛ هذا الذي ينفعه.

  • وإذا ترك مالاً فإنَّ المال الذي يتركه هو لورثته إذا كان ورثته أحياءً؛ فإن المال يُقَسَّم كميراث على الوَرَثَة من أبٍ وأمٍّ… إلخ.

……….

ودوماً -في السودان وفي كل مكان وأقول في السودان خاصَّةً- المستقيم على السنَّة وعلى السلفيَّة يُبْتَلَى بأمرين في المجتمع السوداني:

[1] إذا حَصَلَت الأفراح؛ ينسى كثيرٌ من الناس دينَ الله سبحانه وتعالى وتتبدَّل أحوالهم؛ تجد الواحد مستقيماً فإذا جاءت الأفراح والمناسبات نسي شرع الله!! دخلوا في الانحرافات.. دخلوا في الاختلاط.. في الموسيقى والأغاني.. وهذا يتأذَّى به السلفيُّ والسلفيَّة لأنَّه يعيش في وسط هذا المجتمع لا يدري ماذا يفعل وكيف يتصرَّف ويدخل في حرجٍ وضَنَك، وهذا من بلاء الله له، فيتسلَّى بالصبر ويتذكر دوماً وأبداً قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّ من ورائكم أيام الصبر» سـمَّاها أيام الصبر دلالةً على فِتْنَتِها وشدَّتها ودلالةً على حوجة المسلم فيها للصبر «إنَّ من ورائكم أيام الصبر، القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر» فهذا في حال الأفراح والمسرَّات.

[2] وأما إذا جاءت المصائب (مصيبة الموت)؛ هذه المصيبة العظيمة أيضا فإن َّالمحنة والإحنة أعظمُ وأشدُّ؛ لأن البدع في هذه البلاد ظاهرةٌ كثيرة ومتفشِّية، ويجد السَّلفيُّ الشدَّة والحرج والعنت في وسط أسرته فضلاً عن وسط مجتمعه فضلاً عن وسط بلاده.

إذا مات الميت تأتي البدع بأعلامها وراياتها: الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه، والتعازي البدعيَّة، والبكاء والنِّياحة، ونصب الخيام لمدة ثلاثة أيامٍ أو أسبوعٍ أو شهرٍ أو شهرين!! ناهيك عن ما في مثل هذه المراسم من البدع والضلالات، فيجد السلفي نفسَه في عنتٍ وفي شدَّة، لكن عليه أن يصبر على بلاء الله وأن يعتزل الفتن وأن يبيِّن شرع الله ما استطاع إلى ذلك سبيلاً في مثل هذه الابتلاءات لأن الموت أمرٌ تعمُّ به البلوى وهو حال الحي، فلا شك أننا كمسلمين نوقن يقيناً بأنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- دينه كامل في أحكام الأفراح وفي أحكام الأتراح والابتلاءات والمصائب، فنتعامل مع الأفراح بالأحكام الشرعية وأيضاً نتعامل مع الأحزان والمصائب بالأحكام الشرعية.

  • فديننا دين اتباعٍ؛ ما قاله النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- نفعله وما تَرَكَه نتركه، ومما تَرَكَه هذه البدع:

(1) لا يُـجْتَمَع عند أهل الميت،

(2) ولا يُدْعَى للتعزية كركنٍ من أركان الإسلام وواجبٍ من الواجبات!! كما يفعله أهل السودان؛ إذا حَصَلَت المصيبة ولم تُعَزِّ أهل المصيبة كأنك ارتكبتَ كبيرةً من كبائر الذنوب وكأنك أجرمتَ جريمةً عظيمةً، فيحصل التلاوم وتحصل الفتن ويحصل التقاطع بين الرحم الواحد. هذا لأننا أنزَلْنَا الأمور في غير منازلها، لكننا إذا أنزلنا الأمور في منازلها وضبطنا أنفسنا بالأحكام الشرعية فإنَّ المجتمع سيقوم على الخير وعلى السُّنَّة وعلى المنهاج النبوي.

لكن -للأسف- البدع طاغيةٌ، وهذا من غربة الدين والسنَّة «بدأ الدين غريباً وسيعود غريباً كما بدأ» ثم لم يكن الغرباء في ضياعٍ بفضل الله عليهم وإنَّـما قال -صلى الله عليه وسلم-: «فطوبى للغرباء» من هم؟ قال: «الذين يصلحون ما أفسد الناس» أو «الذين يصلحون إذا فسد الناس» وهم «أناسٌ قليل في أناس سوءٍ كثير من يعصهم أكثر ممن يطيعهم» فهذه أحاديث واضحة تسلِّي المسلم والمسلمة عند هذه الفتن، فلابد من الصبر ولابد من مواجهة المجتمع بالعلم والبصيرة والإنكار الشرعي بالأسلوب الحسن الجميل وعدم الانزلاق وراء هذه الأعراف ووراء هذه التقاليد المنحرفة لأنه قد يضعف المسلم في مثل هذه الأمواج العاتية من البدع والضلالات، فعليه أن يثبت وأن يعلم أنَّ الحقَّ بالحقِّ ليس بالكثرة وليس بالجمهرة والعدد، وإنما الحق ما هو على الحق ولو كنت وحدك ولو كنت فريداً أو منفرداً في مجتمعك أو في وسط أسرتك.

  • الخلاصة: أنا أطلتُ قليلاً؛ لكن لأنه أمرٌ مهم لأن المصيبة لا تتوقف؛ الدنيا كلها دار مصائبٍ والموت مستمرٌّ والبلاء موجودٌ، بارك الله فيك، فلابد من معاملة النفس بضوء هذه الأحكام الشرعيَّة؛ أن نقوم على السنَّة في كل صغيرٍ وكبيرٍ من شؤون حياتنا.

……………………….

[تفريغٌ لمادَّةٍ صوتية ضمن أسئلة وُجِّهَت للشيخ -حفظه الله- عبر الهاتف في جمادى الآخرة 1435هـ]