حكم إطلاق النار واستخدام السلاح في الأعراس
حكم إطلاق النار واستخدام السلاح في الأعراس
  | التفريغات العلمية والفوائد والنكت, التفريغات العلمية والفوائد والنكت من أشرطة ومقالات فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العباس -حفظه الله   | 4157

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم إطلاق النار واستخدام السلاح في الأعراس

سُئِلَ فضيلة الشيخ نزار بن هاشم العبَّاس -حفظه الله تعالى وبارك فيه-:

سائلٌ من ليبيا يقول: ما حكم إطلاق النار العشوائي في الهواء بمناسبات الزفاف أو غيرها مع العلم أنَّنا نسمع أنَّ بعض الرصاص العائر الذي يُطْلَق في الهواء قد يصيب مصادفةً أحيانا بعض الناس خصوصاً في المدن؟ وما كفارة من أطلَقَ من قبل ولم يدري ما الحكم إذا كان طبعاً الحكم بالمنع؟ وجزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

فأجاب الشيخ -حفظه الله تعالى-:

إطلاق النار هذا يُنْظَر فيه بعِدَّة اعتباراتٍ:

(1) السلاح وأعيرته هل هو مأذون به من الدولة؟ وهل:

(2) إنْ أَذِنَت به تأذنُ بإطلاق النار في كل جهةٍ كالأعراس هذه وغيرها؟ أم هو إذنٌ محدودٌ محصورٌ كحماية نفسٍ ومالٍ ونحو ذلك، وهذا هو الظن أنَّه محدودٌ فعليه لا يجوز شرعاً استخدامه إلا في جهة الإذن فحسب.

(3) فإذا انضاف إلى ذلك تهديده لأرواح الناس وترويعهم -صغاراً وكباراً- فإنَّ الجرم والحرمة أعظم.

وقد تَـحَقَّقَ أنَّ أعيرةَ الأعراس هذه قتَلَت من الناس ما قتَلَت، وهذا وحده كافٍ في منعها وتحريمها؛ وعليه: فإنَّ القتل بها يُعتَبَرُ من القتل الخطأ فيه الدية والكفارة، وكذا من وقع منه ذلك في ماضيه وهو مكلَّفٌ بالغٌ فإنْ عفا أولياءُ المقتول ديتهم فعليه تلك الكفارة.

(4) ولو كان السلاح لا تمنعه الدولة وصار حَـمْلُه وتَـمَلُّكُه كعرفٍ غالبٍ فلا يجوز أيضاً استخدامه في هذه المناسبات وما شابهها حفاظاً على أرواح الناس وصيانتها وسداً لذرائع الشَّر؛ فإذا كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قد نهى عن حذف الحجارة والرمي بها لأنها قد تفقؤ العين وتكسر السِّن فكيف بهذه الأسلحة ونيرانها في أوساط الناس وقد تُيُقِّنَ بشهادة العين والواقع من إزهاقها للنفوس فضلاً عن جوارحهم؟؟! ومما يحمل على منعه أيضاً هاهنا:

(5) ما يولِّده ضرب النار هذا في نفوس أصحابه من الزهو والإعجاب والمفاخرة ولفت النظر والبطر ونزغات الشياطين، وهذا وغيره جاء الإسلام بذمِّه وحربه وأمَرَ بالتواضع ومعرفة قدر النفس وجماحها وإلجامها من كل شرٍّ وبكلِّ خلقٍ جميلٍ لإصلاحها في نفسها ومع غيرها من الخلق، وأيضاً:

(6) فإنَّه مع هذا سيصير -ضرب النار- عادةً لازمةً للنكاح الشرعي، والعادة إذا اشتملت على ما أُشِيرَ إليه من المفاسد فإنَّه لا يُعْمَلُ بها لأنها خالَفَت شرع الله كما هو معلومٌ، وبالتالي لا يقال: هو من باب إشهار النكاح المشروع وهو عادةٌ ليس إلا!! اللهم إلا إذا كان في البوادي والبراري ولم يُهَدِّد الأرواح البشرية وأرواح الحيوان المملوك -من بهائم الأنعام أو الصيد الحلال أو ما يصاد به من الجوارح- لأنه مالٌ معصومٌ لمالكيه فيه الضمان والتعويض.

(7) وإذا صار عادةً وعرفاً -ولا يكون كذلك كما ذُكِرَ في (6)- فإنَّه معلومٌ متقرِّرٌ أنَّ السلاح لا يكون في ملك وأيادي جميع الأسر والقبائل وشرائح المجتمع خاصةً في المدن فيُخْشَى حينها من المطاعنات والغمز والحطِّ والنَّظر بعين الاحتقار لمن لا يطلقه ويستخدمه في أعراسه فتنكسر النفوس وتدخلها الضغائن والغبائن وتُـجْرَحُ الخواطر وتوغَرُ الصدور والعياذة بالله!، وهذا من أعظم الخطر والشرِّ؛ فقد قال -صلى الله عليه وآله وسلم-: «بحسب امريءٍ من الشَّرِّ أن يحقر أخاه المسلم» [مسلم]، وقال أيضاً -صلى الله عليه وآله وسلم-: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً» [البخاري].

والواجب علينا كمسلمين منَّ اللهُ علينا بنعمة الإسلام والسُّنَّة أن نكون كما قال تعالى: ((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) بعيدين كلَّ البعد عن كل ما ينافي ويفسد هذا الشعار العظيم.

أصلح الله حالنا ووفَّقنا وإياكم لكلِّ خيرٍ، والله أعلم والحمد لله رب العالمين.

انتهى جواب الشيخ -حفظه الله تعالى-.

 

موقع راية السلف بالسودان

www.rsalafs.com