مَسَائِل مُهِمَّة حَوْلَ العِلْمِ وَالتَّدَرُّجِ فِي طَلَبِهِ
مَسَائِل مُهِمَّة حَوْلَ العِلْمِ وَالتَّدَرُّجِ فِي طَلَبِهِ
  | قسم المشرف   | 419

بسم الله الرحمن الرحيم

مَسَائِل مُهِمَّة

حَوْلَ العِلْمِ وَالتَّدَرُّجِ فِي طَلَبِهِ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..

أما بعد؛ فهذه تعليقاتٌ كتَبَها الشيخ الفاضل نزار بن هاشم العباس -حفظه الله تعالى- عند مراجعته لبحث تخرُّج أحد الطلاب عام 1431هـ، نسأل الله تعالى أن ينفع بها الجميع.

::::::::::::::::::::::

(1) أوْرَدَ الطالب عبارة: «… فمن صرف نوعاً من أنواع العبادة لغير الله فهو مشرك كافر».

فأضاف الشيخ -حفظه الله- عبارة: «بعد الحجة والبيان»، وعلَّق في الهامش بقوله:

[هذا القيد مهمٌّ احترازاً وبياناً وخوفاً مِنْ جَعْلِ التعميم تعييناً أو مِنْ ظَنِّ ذلك!!! يُفْهَمُ أنَّ السلفيين لا يكفِّرون بالعموم بخلاف غيرهم. وإن كان الإطلاق مستخدماً عند العلماء كما هو معلوم].

 

(2) تعليقٌ حول مسألة التدرُّج في طلب العلم:

نقَلَ الطالب مجموعةً من الآثار التي تتعلق بخَتْمِ المطوَّلات من كتب الحديث في مجالس قليلة، وما نُقِلَ عن بعض العلماء أنهم جردوا أو قرءوا بعض المطولات في مجلسٍ أو مجلسين كالبخاري ومسلم.

فعلَّق الشيخ -حفظه الله تعالى- :

تنبيهٌ مهمٌّ جدَّاً:

[هذا يناسب طلاب العلم العلماء الذين وُفِّقوا لأصول العلم وتفاصيله وآدابه وفنونه، وإذا قرءوا فهموا واستوعبوا بمجرَّد النظر والمرور على النصوص، وإذا أَشْكَلَ عليهم شيءٌ حينها علموا المخرج منه وحَلَّه بما عندهم من تلك الأصول والكلِّيَّات العلمية، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وعلى هذا يُفْهَمُ ما يُرْوَى ويُذْكَر عنهم في ذلك كما نقل الباحث؛ فهم سَرَدُوا وجَرَدُوا بعد أن فقهوا وسادوا فأبحروا..

أما صغار الطلاب وأهل البداية فهذا ليس إليهم ولا شأنهم، وإنَّـما واجبهم السعي إلى التأسيس والتقعيد العلمي بالاعتقاد ابتداءً لتصحيح نقطة الانطلاق في هذا البحر الواسع بمعرفة الله وتوحيده ومحبته وطاعته بتعلُّم أحكام دينه وشرعه على وجه الرِّفق والأناة والمثابرة في ظلال المصابرة لنصل بعد ذلك بمعونة الله وحده إلى شيءٍ من درجات أولئك السابقين، فنجرد وننظر في مطولات العلوم!!

أما ما أصبح اليوم عليه التَّنَادي من هنا وهناك؛ دورة البخاري!!، دورة مسلم!!، دورة الصحيحين!!، إلخ  في أيام معدودة!!!

فانظُر عادةَ مَن هذا النداء؟! ومن ينادي به ومن يقوم به؟!

  • إما جهاتٌ مشبوهةٌ،
  • أو جهاتٌ ضائعة،
  • أو أغمار،
  • أو رامون إلى نَيْلِ ما يجب أو يلزم تأخُّر نَيْلِهِ في سُلَّم العلمية السلفية المعهودة عند أهلها وأكابرها.

فلا الـمُلْقِي المُلقِّن لتيك الأحاديث والأخبار أهل مزكى في منهجه وفعله، ولا المتلقي المُلقَّن أهل لهذا المقام!!

وكم وكم مِن وراء هذه النداءات من غاياتٍ ومراماتٍ خطيرة شنيعة تفسد المزاج العلمي والمنهج المرضي، والإبعاد والطرح للأكابر الأعلام والربط بالمتعالمين، والزَّج بشباب الأمة في أوحال الحزبية وطرائقها، وإيقاعهم في حبائل ومكائد المشبوهين والمطعونين والمائعين، ونفث سموم التعالم والتعالي والتطاول…

ومُرَادُ القوم من هذا وذاك:

صَرْفُ الشباب عن المنهج السلفي وأهله العالمين وتفريقهم وتشتيتهم وتمزيقهم كل مُـمَزَّق على نارٍ هادئةٍ حارقةٍ وقاعدةٍ فاسدة: (إما معنا أو بعيداً عن السلفية والسلفيين!!).

نعم لهذه الدورات في السُّنن والآثار وعلوم الشريعة كلها من علماء أفذاذ وطلاب أقوياء على جادة الحق والصواب في أوساط علمية مؤهلة تُدرِّج بها في درجات العلم ومقاماته…

وأذكِّر هاهنا بما ينفع الصادقين والجادين والطامحين بقلوبٍ زكيَّة ونفوسٍ راضية بمنهج الأسلاف والأعلام بمثل قوله تعالى: ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات))، وبقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل الله له طريقاً إلى الجنة»، وما يدل عليه قوله صلَّى الله عليه وسلَّم (طريقاً) و(يلتمس فيه علماً) من معاني عظيمة؛

  • فالطريق يُسْلَكُ خطوةً خطوة، ودرجةً درجة..
  • والطريق هو المسار والـمَسْلَك المعروف لطَرْقِ النَّاس له بالـمُضِيِّ عليه..
  • والالتماس وما يفيده من الفحص والنظر، والتواضع والأدب مع من يلتمس منه ذلك العلم والطلب..

فهو إرشادٌ وتوجيهٌ نبويٌّ كريمٌ لطلاب العلم أجمعين؛ لعلم الشرع وطرق تلقِّيه ودرجاته ومنازله ولمن جعلهم الله أهلاً لتعليمه وتبليغه من العلماء الربانيين الموفَّقين.

ويقول السلف: «إن هذا العلم دينٌ فانظروا عمَّن تأخذون دينكم».

و: «إنَّـما العلم أوديةٌ؛ فأيّ وادٍ رُمْتَ قَطْعَهُ قَطَعَكَ، وإنَّـما العلم يؤخذ بالأيام والليالي، ومن رام العلم جُملةً ذهب وراح عنه جُملةً».

اليومَ علمٌ وغداً مِثلُه * * * مِن نُخَبِ العلمِ التي تُلْتَقَطْ

يُحَصِّلُ المرءُ بها حكمةً * * * وَإنَّـما السَّيلُ اجتماعُ النُّقَطْ

وفق الله الجميع إلى سواء السبيل].

 

(3) قال الشيخ -حفظه الله تعالى-:

[وهذه المجالس ذات المجرودات المطوَّلات لها أسبابٌ أخرى يمكن إضافتها هاهنا:

أنها مجالس عرضٍ للمتن؛

إما للإجازة،

أو الـمُقَابَلة،

أو التذكير بالمحفوظ منها،

أو الدُّرْبَة على القراءة،

أو بحثٌ عن نصٍّ أو مسألة فيه أو في سنده لا تأتي إلا بالجرد السريع.

  • أما التعليم والتأصيل له وعليه، فذاك شأنٌ آخر مبناه الرِّفق وطول زمانٍ كما أسلفت، وبالله التوفيق].

تمَّت تعليقات الشيخ -حفظه الله وزاده علماً-.

موقع راية السَّلف بالسُّودان

www.rsalafs.com